صناعة الفخار (الازيار):

 

تعتبر صناعة الفخار فى السودان ، واحدة من أقدم الصناعات اليدوية التى تواصل صمودها رغم رياح التغيير ،محتفظة بروادها ومستخدميها.

وتشتهر منطقة ” القماير” بمدينة أم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم بصناعة الفخار ، وتنتشر فيها العديد من المصانع المخصصة لمزاولة هذه المهنة ، ويمارس العشرات مهنة تصنيع العديد من الأوانى المصنوعة من الطين عن طريق اليد أو عن طريق العجلة وهي “آلة تدار بالقدم عن طريق السير”.

مدينة أمدرمان وفي شاطيء النيل ناحية منطقة القمائر التي تقع شرقها لم يكن العثور على (كماين) الطوب وأفران الفخارة بالصعوبة التي تتخليها فالرائحة المميزة للطين المحروق المختلط بدخان وقود الحطب وروث البهائم مانت تقتحم أنوفنا عنوة وتقودنا إلى مناطق الفخار وفي أحد الكمائن التي تقع بجوارها مشتل كبير يحوي مجموعة من النباتات والورود والأزهار . كما يشكل صالة عرض مفتوحة للأواني المصنوعة من الفخار , اصص الأزهار بأحجامها واشكالها المختلفة وأزيار الماء ذات الشكل البيضاوي والمخروطي جبنات قهوة تحف أنيقة وجداريات تتميز بمهارة الصنع. وفي الجانب الآخر كانت وتيرة العمل تسير بشكل دؤوب ما بين مجموعة تقوم بعجن الطين ووضعه في قوالب مخصصة لصنع الطوب وآخرين يعملون في ( دواليب ) تصنيع الفخار يقومون بتشكيله في صور مختلفة.

وتاريخ صناعة الفخار في السودان ضارب بجذوره في أعماق التاريخ فمنذ أن أنتقل الإنسان الأول من البداوة إلى المدينة فكر في إختراع وغكتشاف طريقة صنع الفخار وأنشأ الأفران لحرقه. وكلما زادت حياته رغدا ورخاء كلما تفنن في إبداع أشكال جديدة تلبي حاجته وزخرفتها لتبين مدى الذوق الجمالي الذي وصل إليه .. والشاهد على إبداع السوداني في هذا المجال ما تحويه اورقة المتاحف من موجودات فخارية , وأطباق اكل وأواني شرب وأزيار لشرب الماء …. والأخير استخدمها النوبيون القدماء لدفن موتاهم. فعندماء يدفن الشخص في العصر النوبي القديم كانت تدفن معه كل متعلقاته وضمنها الأواني الفخارية , لذا عندما تم التنقيب عن الآثار وجدت هذه الأواني وكانت بمثابة أدلة لتاريخ مادي اسهم بشكل وافر في فهم السمات الحضارية لأهل النوبة القديمة

ومن الصعب أن تندثر صناعة الفخار في السودان فهي صناعة ضد عوادي الزمن وما يزال الناس يستعملون منتجاتها في حياتهم اليومية كجزء من الحاجة الحقيقية والتقاليد الأصلية فالكثير من الناس لا يستبدلون طعم الماء البارد في الأزيار بمبردات المياه الكهربائية وآخرون لا يحلو لهم طعم القهوة إلا إذا شربوها من جبنة ( الطين ) هذا بالإضافة إلى سر آخر عجيب أن هناك ارتباطا وجدانيا بين الإنسان والفخار فكلاهما من ماء وطين .

اما عن كيفية مكونات الفخار وكيف تتم تشكيله حيث معروف أن المكون الأساسي للفخار هو طين البحر وهو يصنف على اربعة اصناف وهي ( البلطي ) والذي تعرف ايضا ( بالكوك ) و ( الزافوتي ) و( المقر) و ( القرير ) وهو من اجود انواع التربة هذه الأصناف الأربعة تتباين في جودتها حسب فصول السنة وبعد اختيار نوع الطين وفرزه تبدأ عملية الغربله لتنقية الطين من اية رواسب أو مواد متحجرة في حوض كبير ويصب فيه الماء حتى اليوم التالي الذي يتم فيه وضع ( العجنة ) في الأرض .. وتتم عملية العجن بالأيدي والأرجل حتى تصل إلى درجة تماسك معينة ومناسبة. وبعد ذلك يتم نقل العجينة على فني التصنيع الذي يلقب ( بالمعلم ) فيقوم بتشكيل المادة المعجونة على دولاب دوار مخصص لهذا الغرض يدوي , ثم تقطيع الطين وتشكيله ويتم على حسب الطلب : ازيار أو اصص زهور او معدات قهوة .. ومن ثم يوضع المنتج في الشمس للتجفيف وفي هذه الأثناء تتم عملية الزخرفة على أصص الزهور و( الجبنات) فيما تسمى بـ ( الفستون ).

وتبدا عملية الحرق وهي على فرن على شكل غرفة مربعة أو دائرية مساحتها 3 في 3 امتار واهم ما فيها ( الشواريق ) لتوزيع الحرارة كما هو الحال في عيون البوتجاز ويكون الحرق على حسب الشكل ولا بد لمن يقوم بها أن يكون على دراية تامة وكفاءة عالية لأن هذه المرحلة تحتاج إلى حرص بالغ .. فأي نسبة اقل أو أكثر من الحرارة المطلوبة ستقود إلى بعض المشاكل التي تؤثر على جودة المنتج أو تتسبب في تحطيمة . أما عن ابرز ما يصنع من الفخار في كمائن أمدرمان وأنواعها فهي الأزيار في المقام الأول والأصص الخاصة بالزهور وهناك ( الصواني ) الفخارية و( الجبنات ) وأبريق الوضوء المعروفه باسم ( الركوة ) والمباخر والبراويز وطوب البناء بالاضافة إلى لآلة الإيقاع المشهورة ( الدلوكة ) و( قلال ) الماء ونوافير الماء وأنية الطهي الشعبي المعروف ( البرمة ) ( تستخدم ايضا لشرب المريسة ) أما عن قسم الخزف في كلية الفنون الجميلة فهناك تعاون مثمر بين صناع الفخار التقليديين والأكاديميين من خريجي الفنون ( قسم خزف ) حيث ما يمتلكون من خبرة عملية وعلمية وتبادل الراي والخريجون لهم إضافات حقيقة لهذه المهنة ورفع الوعي الجمالي وهذا ما يلاحظه العامة من السودانيين في الصنعة المتقنة والذوق الرفيع الذي بدا يظهر على المنتجات الفخارية وزاد من حجم الإقبال عليها واعطائها الطابع الحديث الذي نفتخر به.اما في كلية الفنون الجميلة فالفضل يعود للبروفسير وصيف الذي بدا فكرة إنشاء قسم الخزف فيها وقد اثبت كثير من الخريجين وجودها محليا وعالميا ومن أشهرهم الخزاف صديق النجومي الذي طبقت شهرته وقد اقام الكثير من المعارض محليا وعالميا ولكننا نلاحظ أن مستوى الفخار في السودان تدنى كثيرا مقارنة بالماضي ويرجع ذلك لعوامل كثيرة منها قلة الإمكانيات اضافة للجانب التربوي وهذا ما جعل صناعة الخزف في السودان في تراجع مقابل تطور دائم على المستوى الخارجي . وعن الفرق بين الخزاف الأكاديمي وغير الأكاديمي الذي يعتمد على الموهبة الفطرية .. حيث الخزاف الدارس يتمتع بوعي جمالي اعلى ومعرفته للنسب والتناسب ولديه الخبرة المتراكمة ولديه القدرة على الإبتكار . أما الذي يعتمد على الموهبة والفطرة لا يكون لديه الخلق والإبتكار بقدر ما يكون اقرب إلى الماكينة التي تنسخ وتكرر العمل بدون جوده حتى لو امتد به العمر مئات السنين


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لمعرفة المزيد عن الحرف التراثية يمكنكم الضغط على كل عنوان جانبي ادناه:

صياغة الذهب في السودان:

صناعة المراكيب:

الصناعات اليدوية:.
صناعة العناقريب: